انهمرت دموع زينب كالمطر حين علمت بسحب العمل منها لكونها ذات مؤهل دراسي ضعيف, وبدأت تتكلم بحرقة لم أكن مهملة لدروسي كنت شغوفة بالحصول على الشهادة الجامعية, ووالديًّ لم يساندونني لأنني فتاة ويجب ان اخضع لقرارات اخي, الاكبر كان عائقا امامي في إكمال دراستي، لأن والدي يسمح له بأن يفعل ما يحلو له لقد كان مفضلا علي ويقرر بالنيابة عني.

تعاملنا مع هـذا الجانـب الاجتماعـي المهـم لنسـلط الضـوء علـى المشـاكل التـي تكـون سـببا فـي زعزعـة الاسـتقرار الاسـري ومنهـا؛ التفرقـة بيـن الابنـاء وعـدم المسـاواة بينهـم مـن قبـل الابويـن, حيث كان امتعـاض يوسـف شـديد حيـن ذكـر المفاضلـة بينـه وبيـن أخيـه الاصغـر حيـن تحـدث لنا قائـلا "كانـت امـي تميـل الـى اخـي الصغيـر وتقربـه وتلبـي طلباتـه وتأخـذ العابي وتعطيهـا لـه بحجـة انـه الصغيـر ويجـب ان اخضـع لرغباتـه في انتـزاع حاجياتـي لـه, فكانـت نهايـة المطـاف أن يكـون الوريث الوحيـد لأمـي وقـد حرمتنـي مـا شـرعه اللـه سـبحانه وتعالـى, وكانـت النتيجـة الشـقاق وعـدم الألفـة بيننـا وعندمـا نلتقـي نتصـرف كالأغـراب.

 

رؤية شرعية

فـي هـذا الجانـب ابتـدأ الشـيخ عبـد الكريـم هـادي الحمدانـي حديثـه:

- بسم الله الرحمن الرحيم حث الاسـلام على المسـاواة بيـن الابناء في المحبة، وقال رسـول اللـه صلـى اللـه عليـه وسـلم(اعدلوا بيـن اولادكم كمـا تحبون تن يعدلـوا بينكـم في البـر واللطف) (ان اللـه تعالى يحـب ان تعدلوا بيـن أولادكـم حتـى في القبـل) فالوالدان مسـؤولان امـام الله عز وجـل عـن تربيـة ابناءهـم وفـق النهـج الاسـلامي الصحيـح حتى تنشـأ اسـرة تكـون بمثابـة اللبنـة الصالحة لبنـاء هيـكل المجتمع السـليم. وان يشـعر كل فـرد منهـم بانـه مرغـوب فيـه ومحبـوب بـلا تمييـز بيـن الاولاد والبنـات وحتـى المرضـى والمعاقيـن بـل يلـزم تعويضهـم بعنايـه اضافيـه تخفـف مـن معاناتهـم, وان يحـرص الابوين على مراعاة مشاعر الابناء وأن يكونوا لهم قـدوة حسـنه قـولا وفعـا ومثـالا طيبـا وبذلـك يمنعـان الاتهـام وسـوء الظـن والأنانيـة ومـا يلحـق بهـا من خلافـات واحقـاد، بل الحـب والتراحـم والتعاطـف والتعاون علـى الخير والمحبـة والألفة والوضـوح والثقـة المتبادلـة, بـل ان البـاري عـز وجـل نهـى عـن معاقبـة المسـيء منهـم فأمـر بالتواصـل معـه وان كان عاقـا فربمـا يكـون بـارا بعـد ذلـك فلذلـك نهى عـن حرمانـه حقه في الميراث..((اباؤكـم وابناؤكـم لا تـدرون ايهـم اقـرب لكـم نفعـاً.. وقـال رسـول اللـه صلـى اللـه عليـه وسـلم سـاووا بين النسـاء (١١) اولادكـم فـي العطيـة, وبالنتيجـة فان ذلـك يعيـن الاولاد على بر الابـاء وحسـن العاقبة.

 

رؤية اجتماعية

تـرى الباحثـة الاجتماعيـة نهـى البهادلـي، ان التفرقـة التـي قد تمـارس مـن قبـل الوالديـن لأبنائهـم تكـون بسـبب التأثيـرات العشـائرية والمعتقـدات الموروثـة كتفضيـل الولـد علـى البنـت وطمـس معالـم شـخصية البنـت وعـدم المطالبـة بأبسـط حـق مشـروع لهـا او ابـداء رأيهـا ويكـون الاخ الذكـر متسـلطا متحكمـا حتـى فـي أمـور حياتهـا المصيريـة وحرمانهـا مـن الميـراث، والتفريـق بيـن ولـد واخـر كتفضيـل الولد البكـر وتمييزه عـن باقي اخوتـه او يكـون الطفـل الصغير هـو المدلل والمقرب لأمـه او أبيه ممـا يثيـر حفيظـة اخوتـه وبالتالـي تـؤدي مسـالة التفرقـة الـى الكثيـر مـن الامـور التـي تسـاعد فـي بـث روح العدائيـة والحقـد والكراهيـة بيـن افـراد الاسـرة ويحـدث الشـقاق والابتعـاد عـن جـو الالفـة والمحبـة وبالتالـي يـؤدي الـى تفـكك المجتمعـات بتفـكك الأسـر بسـبب ضعـف روابـط المحبـة والالفـة بسـبب السياسـة الخاطئـة المتبعـة مـن قبـل الابويـن بقصـد او بغيـر قصد.

 

المساواة الدقيقة

علـى الابويـن اعتمـاد المسـاواة الدقيقة فـي التعامل مـع الابناء فتكـون بتوزيـع الاهتمـام والاصغـاء وتلبيـة احتياجاتهـم و الهدايـا والعطايـا وتوزيـع الحقـوق والواجبـات بينهـم بالتسـاوي دون التميـز بيـن احـد منهم ويستحسـن بث روح المحبـة والتعاون بينهم وتكليفهـم بمهـام جماعيـة مـن شـأنها ايجـاد هـذا التعـاون, و فهـم دواخلهـم فهمـا دقيقـا ومعرفـة احتياجاتهـم وميولهم وردود افعالهـم واعطاء حقهم في التعبير عـن مشـاعرهم والاسـتماع أليهـم جيدا واعطـاء البنـت حقها في الدفـاع عـن نفسـها امام اخيهـا واظهـار قدراتها وعـدم اهمالها, كل هـذه الأمـور تنتـج اسـرة يسـودها الحـب والالفـة ومبدأهـا العـدل والمسـاواة بيـن الافـراد.

فاطمة صالح