لا شك أن الآباء في سعيهم الدائم لتوفير حياة أفضل لأبنائهم ربما لا يقضون الوقت الكافي معهم، خاصة في ظل التغيرات التكنولوجية الحديثة ووسائل الاتصال المختلفة مثل أجهزة الهاتف الذكية والكومبيوتر المنزلي والتي تجعل الآباء في حالة انشغال دائم بالعمل والتفكير به حتى في الأوقات التي يفترض أن تكون مخصصة للعائلة في المنزل, والحقيقة أن هذه المسؤوليات لا تمثل ضغوطا على الآباء فقط ولكن على الأبناء أيضًا خاصة في مرحلة النمو، وهو الأمر الذي أشارت إليه دراسة حديثة تناولت هذا الموضوع:

انشغال الآباء

وكان الباحثون قد اهتموا بدراسة الآثار المترتبة على انشغال الآباء طوال الوقت ابالتكنولوجيا وعلاقتهم بأبنائهم في مرحلة الطفولة المبكرة وقاموا بتحليل

الإحصائيات الخاصة باهتمامات الآباء، خاصة الهواتف الذكية سواء كانت هذه الاهتمامات وظيفية من خلال البريد الإلكتروني تتطلب متابعة دورية وسريعة أو من خلال الرسائل الإخبارية القصيرة المتعلقة بالاقتصاد أو الأمور السياسية والاجتماعية أو مواقع التواصل الاجتماعي العامة.

وتكمن المشكلة في أن الآباء على الرغم من وجودهم الفعلي في المنزل إلا أن ذهنهم لا يزال مشغولا بالعمل وتزداد المشكلة صعوبة في حالة الأم العاملة بطبيعة الحال، وأوضح الباحثون أن هذه الضغوط تمثل عبئًا على الآباء بين رغبتهم في تخصيص وقت مناسب للأسرة ورغبتهم في مواكبة سير العمل أو التواصل الاجتماعي.

وقام الباحثون بسؤال 35 من الأشخاص المسؤولين عن العناية والتعامل مع الأطفال في المنازل من الأسرة سواء الآباء أو الأمهات أو الجدات, وأجاب معظمهم أنهم يعانون من ضغوط داخلية وتوتر نتيجة للخلط بين أوقات العمل والمتابعة التكنولوجية والعناية بالأطفال وافتقادهم لتخصيص وقت كاف لمشاركة أولادهم أوقاتا عائلية تجتمع فيها الأسرة مثل تناول وجبات الطعام.

وأشار بعض الآباء إلى أن قراءة أخبار معينة سواء عن طريق البريد الإلكتروني أو مواقع التواصل تجعلهم متأثرين نفسيا وعاطفيا بالأحداث التي يسمعون عنها، وهو الأمر الذي ينعكس بالسلب على علاقتهم بأبنائهم. وعلى سبيل المثال فإن قراءة أخبار عن حروب أو ضحايا أبرياء تجعلهم غير قادرين على التجاوب مع الدعابات الصادرة من أطفالهم والتفاعل معها، كما أن الأطفال كرد فعل لذلك يلجؤون إلى جذب انتباه الآباء وفى الأغلب يكون ذلك عن طريق فعل أشياء سلبية مثل ضرب أطفال آخرين أو الصراخ المبالغ فيه.

 

هرب تكنولوجي

ومن جهة أخرى، أشار بعض ممن شملتهم الدراسة أن الهواتف الذكية تمثل نوعا من أنواع الهرب أيضًا من التوتر والقلق والملل أيضًا وضوضاء الأطفال ومطالبهم التي لا تنتهي, ويكون الهاتف الذكي بمثابة الترفيه الوحيد الذي يحظى به الآباء.

وبغض النظر عن الحديث، فإن العلاقة تفتقر إلى التفاعل الكافي بين الأطفال وذويهم من دون استخدام اللغة بمعنى أن الآباء لا يربتون على كتف الأبناء أو التواصل بالابتسام أو تعبيرات الوجه المختلفة مما يؤثر على حميمية العلاقة العاطفية والنفسية بين الآباء والأبناء في مرحلة النمو العاطفي والوجداني.

وأشارت الدراسة إلى أنه بالمقارنة بين الآباء في الماضي وانشغالهم بقراءة الكتب أو الجرائد التقليدية الورقية فإن الهواتف الذكية تستحوذ على أضعاف الاهتمام بالكتب أو المجلات في السابق، وأن الأطفال في هذه المرحلة العمرية يحتاجون إلى التواصل المستمر مع الآباء والإجابة على الأسئلة المتعلقة بكثير من الأشياء وكيفية استخدامها والتعامل معها مما ينعكس بالإيجاب سواء على الجانب الإدراكي أو الجانب العاطفي للأطفال.

علي عبد الله