الكثير منا تلازمه رحلة الفراغ داخل ذاته, سواء كانت امرأة, أم رجل, او حتى طفل!..

فهو احساس يولد مع أول لحظة ارتطام المرء بجدار الملل والرتابة.

وهو فكر يعيش وحده, اذ لم يلتقِ بفكر آخر يناقشه مؤيداً كان او حتى معارضاً, او ربما هو قلب امتلأ بالحب لكنه لم يجد ما يَحب أو ما يُحب,  فالفراغ حياة لا يشعر بها احد حتى صاحبها نفسه, لأنها بلا طعم, وبلا معنى, وبلا هدف.

هنالك الكثير من يتسلل الى حنايا ذاته هذا الشعور, سوى ان كان عاملا او عاطلاً, اذ لا ينفرد بشخص معين, فهو يستشري في كل من يفتقد المعنى الحقيقي للحياة.

او ليس غريبا ان يعاني احداً ما من هذه المشكلة, ونحن نعيش في عالم طغى فيه التطور والحداثة, واصبحت الحياة حولنا في حركة دائبة لا تتوقف، وشاركتنا التكنولوجيا ادق تفاصيل يومنا؟

ان هذا خير دليل على ان ما حمله لنا ذلك المد المعاصر ليس سوى قشور لا تشبع النفوس والقلوب.

فكيف يتسنى لنا التغلب على هذا الشعور, لمواصلة العيش دون الاصطدام به؟

 لربما هو شيء واحد  يكون كفيلاً  بمساعدتنا على التخفيف من اثر الفراغ, وهو شيء لا يكلفنا  جهدا, ولا مالا, فنحن نحمله في صدورنا ولكن بنسب متفاوتة أو بنسب بسيطة.

 انه أعظم عاطفة في الوجود ( الحب)....

 فحب الله , وحب الحياة, وحب الناس, وحب الأرض, وحب الطبيعة بشمسها وظلامها, خريفها وربيعها, هو الذي يجعل كل شيء حولنا ينبض بالحياة, حتى لو كان بلا حياة , لأنه أصل للحياة.

فهو من يربط بين مصائرنا, ويجعلنا نشعر بأننا أسرة في مجتمع يعيش أفراده من اجل بلوغ هدف واحد.

وهو الذي خلق في داخل المخترعين, والمفكرين, والساسة والعلماء حب معرفة الشيء, فلولا حبهم لعملهم والناس لما كان هناك فكر ولا اختراع, ولما كانت هذه الحضارة التي نعيشها وننعم بثمارها موجودة.

حبهم للعلم والمجتمع الذي ينتمون إليه, هو من جعل بينهم رجالا ونساء قادرين على حمل العبء بعد آبائهم.

وهو من يدفع  الرجال للتضحية بأرواحهم من اجل أرض وطنهم, والصد لأي خطر تتعرض له اسرتهم.

وهو ذات الشعور, الذي دفعهم للمضي في رحلات الكون الواسع لاستكشاف المجهول, فوراء كل نجاح حقيقة إنسان عاش قصة حب اكبر من النجاح نفسه.

فالحب, هو من ملأ  لحظات فراغهم بما يرغبون, وجعل منه شيء منسياً في حياتهم.

إن عالم الغد يحتاج إلى كل الحب لنملأ به قلوبنا, وقلوب أبنائنا وأحفادنا, هؤلاء الذين تنتظرهم مفاجآت المستقبل حتى لا يحسوا به.

اذا تعلمنا الحب بمعناه الكبير فلن نشكو الفراغ بعد اليوم. لأننا سوف نقهر عالم الماديات.

زهراء جبار الكناني