بالحب نبني أفكارنا المثمرة ونقوي مناعتنا ضد الهزائم والفشل، و تزخر حياتنا غبطة وحبوراً وتتلون أيامنا وتضيء لننعم  بالراحة والأمان وتأخذ أحلامنا دفة المسار الصحيح، فالحب يولد العلاقات ويقرب الأغصان البعيدة ويهبها عمراً أطول، فهو من يروي روح التضحيات ويغذي كفة التسامح.

فمتى يكون الحب مضرا غير نافع أو مدمر ؟

لنأخذ مثلا قلب الأنثى وتحديدا قلب الأم ذلك النهر المتدفق حنانا والفائض بالمحبة والعطف والذي يأخذ جانب كبير ومؤثر في تعاملها مع أبنائها فيكون التسامح المفرط على أخطائهم، والصبر الكبير والسكوت على مشاكساتهم ومشاغباتهم، والرضوخ المتكرر لطلباتهم، وحتى القسوة  النابعة من الحرص والخوف المبالغ به عليهم، أمرا طبيعيا لديها،  فيكون إنتاجها أولاد اتكاليين  مهملين لا يمتلكون حس المسؤولية و تبرز صفات الكسل والعناد والأنانية في سلوكهم، ولعل الأم تأخذ قسطا كبيرا من منسوب الأنانية المرتفع لدى أبنائها خلال تعاملهم معها  والاسوأ حين  يحملونها سبب فشلهم و شخصياتهم المضطربة أو عاداتهم السيئة فتغدوا كالشماعة يعلقون عليها مساوئهم، دون أن يدركوا إن الأم لا تختلف عنهم في شيء فهي أيضا إنتاج تعامل الأهل وتأثيرهم  في شخصيتها وسلوكها من خلال التربية في الصغر ويضاف عليها تجارب الحياة ومشاكلها التي واجهتها.  

 وسواء وصلت الأم للعلة والمعلول لتصرفات أولادها معها أو لا فهي بالمحصلة النهائية ستتكبد وزر ما جنته يداها وربما لا يسعفها الوقت أو القدر لتصلح من سلوكياتهم وطبائعهم.

والطريق الصحيح والأمر الواجب حتى لا تتخبط بين حبها وقسوتها وتسامحها وتتعامل ببعد وجداني جارف يحركها بشكل عفوي معهم وبعاطفة مشتتة دون  دراية أو معرفة عليها أن تقوم بالمتابعة والاطلاع على كافة الدراسات والبحوث والنصائح التي يقدمها أساتذة وخبراء علم النفس والتنمية البشرية والإرشاد الأسري  لان الأزمان تتغير والظروف تتبدل ومن البديهي إن مع كل هذه التطورات الحادثة تتغير معها الأمزجة والنفوس وتطرأ سلوكيات وطبائع جديدة على الأجيال وخير دليل وأفضل ما نثبت به صحة كلامنا قول سيد الأوصياء وأمام الأتقياء (عليه السلام):( لا تقسروا أولادكم على آدابكم فأنهم مخلوقون  لزمان غير زمانكم)

 (نهج البلاغة).

إخلاص داود