الرسالة الثالثة ... (أم أبيها)

 

بنيتي بل قلبي وروحي فاطمة.. كتبت لكِ هذه الرسالة على الورق حتى تضيعها تحت وسادتكِ, أو تلثميها بثغركِ الذي لا تفارق بسمته مخيلتي, أو حتى لتتنفسي كلماتي ولتبصر عيناكِ أثار قطرات العرق التي سالت من جبيني وأنا أكتب لكِ ...

أمس حينما أتصلت بي والدتكِ لتخبرني بمرضكِ حال بيني وبين العودة إليكِ نداء فتاة تشبهكِ وفي عمركِ تقريبا, تقدمت نحوي مع جموع النازحين من المناطق التي أحتلها أعداء الإنسانية لتهمس في أذني " قتلوا أبي وأخي؛ أرجوك أقتلهم" لن تصدقي وقع كلماتها عليّ وأنا أراها تتألم, واليتم والتشرد يفترس براءتها, لحظتها أردت العودة إليكِ سريعا لأضمكِ وأعدك بأني لن أسمح بأن تتوجعي بسببي وتتذوقي مرارة اليتم لكن استدركت رغبتي تلك حينما أيقظ غفلتي أحد المجاهدين وهو يصرخ متوعدا على من أرهبوا جموع النازحين وسفكوا دماء أبناءهم واستباحوا حرماتهم بأن رجال العراق لن تنام أعينهم حتى يكفلوا النصر بالشهادة.

حينها فاطمتي أدركت أن عودتي لن تمنحكِ الحماية بل وجودي على الساتر هو من سيضمن الأمان, وأن ذراعي ستحتضن بندقيتي بدلا عنكِ لأنكِ أغلى من نفسي.

سأرسل هذه الرسالة بأقرب فرصة, كوني بخير وتماثلي للشفاء سريعا وأبقِ كما أنتِ أبنتي وأمي ...

أستودعكِ حتى عودتي عند مولاتي فاطمة الزهراء (عليها السلام) التي أسميتكِ على اسمها وعرفتني بحبكِ سر كنيتها (أم أبيها).

 

إيمان كاظم الحجيمي