الصبر- الإيمان، من مظاهر الشخصية المطمئنة نفسياً، شخصية الإمام زين العابدين "عليه السلام" (مثالاً، وتمثلاً)

أ.م.د مكي فرحان كريم الإبراهيمي

        الاطمئنان النفسي؛ يمثل مرتبة من مراتب شخصية الإنسان، التي ترتقي به إلى سكونه، وسكينته، وأمنه، إذ يتطلع الإنسان إلى من يحقق له رغباته ويشبع حاجاته، ويضبط انفعالاته، ويسهم في بناء شخصيته، ويشعره باتزانها وانسجامها مع ذاته والآخر، وكل ذاك لا يتحقق الى من يتطلع إليه هذا الإنسان، إنْ لم يكن الاطمئنان اطمئناناً ذاتياً متسماً بسمات شخصيته الحقيقية التي منها –السمات- "الصبر، والإيمان"؛ فيعد "الصبر" المرتبة المكملة لبناء شخصيته؛ فهو خلق أهل العزيمة والإرادة والقدرة القوية، فقد جعله القرآن الكريم من عزم الأمور، بصريح قوله تعالى: " وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ" (لقمان/7). وتستكمل الشخصية الإنسانية مراتبها بتحقق الإيمان الذاتي.

        وحينما يتمثل الإنسان بشخصية أحبها بعقله ووجدانه، فكيف وهي شخصية تجسدت فيها أبعاد الإنسانية المتكاملة، وإنّ هذه الشخصية هي شخصية محاطة بالعصمة الإلهية. فمؤكد ذلك أنّ سماتها ومظاهرها تبعث بداخله السعادة، فعندما يتذوق طعم الإيمان تمرّ عليه المصائب وهو مطمئنٌ ساكنٌ، مستلهماً ذلك من نمط شخصية الإمام زين العابدين "عليه السلام"، الصبر، وكظم الغيض، والإيمان بواقع البلاء...   

        وعليه فان فكرة البحث ركزت على دراسة شخصية الامام علي بن الحسين (عليهما السلام) بوصفها مثالاً واقعياً تطبيقياً، لمفهومي (الصبر والإيمان)، ومؤثراً سلوكياً للفرد وللمجتمع ، اذ انقسم هذا البحث على مبحثين: تضمن المبحث الأول دراسة (الصبر-الإيمان)، مثالاً واقعياً تطبيقياً في التراث الفكري للإمام زين العابدين (عليه السلام) ، واما المبحث الثاني خصص لدراسة الإمام زين العابدين (عليه السلام) تمثل القيمة/السلوك، وختم البحث بخاتمة تضمنت أهم نتائج البحث، ستعرض في متن البحث لاحقا .

 

المبحث الأول   

(الصبر-الإيمان)، مثالاً واقعياً تطبيقياً في التراث الفكري للإمام زين العابدين (عليه السلام)

تشرفت كتب التراجم ، والتأريخ ، والاخلاق، أنْ توسم جبهة متونها بنور شخصية الإمام زين العابدين (عليه السلام)، وهالة من التقدير والجليل –دراسة وتحليل- كما أفردت لها مصنفات خاصة في محاولة للإحاطة بجوانب حياة هذا الإمام المعصوم مستخلصة تحركه الخطير ، وأثره الظاهر الواضح في إرساء دعائم المجتمع الإسلامي وتنزيهه من الشوائب في مرحلة من أصعب ، وأقسى ، وأدق المراحل التي مرت بها الأمة الإسلامية بعد شهادة أبيه الحسين (عليه السلام) في النصف الثاني من القرن الأول ، وأما جدارته في التصنيف ، فقد كانت له الصدارة في ذلك بعد جده سيد الأوصياء أول جامع للقران- علي بن أبي طالب (عليه السلام)  .

فالإمام زين العابدين ‌(عليه السلام)، أسس بتراثه أركان العقيدة ، ‌وجعلها كتاباً في فهم الدين وتعاليمه ‌، ما‌ يأمر ‌به‌ ‌و‌‌ما‌ ينهي عنه ، ومنهجاً في الآدب الاجتماعية ‌ والنفسية وسلوكها ، ‌ومئيناً في علم اللغة وفنونها ، وصاغ تعابيرها ببلاغة عالية مظهراً ‌من‌ أسرار بيانها ‌وقدراتها في التعبير ‌والتصوير ، ‌وبني أفكارها في ضوء المنهج الإلهي والتعبير القرآني ، والسلوك الرسالي .

حتى قيل فيه (عليه السلام) :   "كان عليّ بن الحسين أفضل خلق الله بعد أبيه علماً وعملاً، وقال: قد روى عنه فقهاء العامّة من العلوم ما لا يحصى كثرة، وحُفِظ عنه من المواعظ والأدعية، وفضائل القرآن، والحلال والحرام، والمغازي والأيام ما هو مشهور بين العلماء..."[1].

        وقال ابن تيمية، قال: "أمّا عليّ بن الحسين فمن كبار التابعين وساداتهم علماً وديناً... وله من الخشوع وصدقة السرّ وغير ذلك من الفضائل ما هو معروف..."[2].

        إذ إنّ سرّ الابداعات التي يتضمنها تراثه الشريف (عليه السلام)، لم يأتِ من فراغ ، بل أن الإمام (عليه السلام) ولد في بيت النبوة ، ونشأ وترعرع في حجرها ، وتعلم في مدرستها ، في المرحلة التي بدأ النثر العربي فيها يؤسس في ضوء منهج القرآن الكريم ‌من‌ أساليب الصياغة ، بموسيقاها الواضحة ، وبلوحاته الفنية المتحركة ، وببلاغة خطابه المعبرة ، وتعدد الأداء وتنوعه فيه .

فإن التأثير الحقيقي للإبداع اللغوي القرآني المعجز أول ما ظهر في الكلام العربي تمثل في حديث النبي محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وابن عمه علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الخطابة والإيجاز ، أرفع من صفة الأدباء ، لذلك كانت خطب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على الرغم من قلة ما وصل منها ، وأحاديثه وابتكاره لأوضاع تركيبية جديدة في الكلام العربي ، وخطب الإمام علي ورسائله وأقواله العلامة الفارقة في جبين الأدب العربي ، فانتظمت شروحا مميزة ينهل منها الأدباء قديما وحديثا مثل كتاب (المجازات النبوية) مثلاً للحديث النبوي الشريف ، و(نهج البلاغة) الذي جمع فيه الشريف الرضي مختارات من كلام الإمام علي (عليه السلام)، و(الصحيفة السجادية، ورسالة الحقوق)، وهذه كلها مثل للمصنفات الفكرية والمعرفية...

 فقد كان النص القرآني حاضرا في ذهن الإمام (عليه السلام) یستدعيه من ذاكرته كيفما یشاء فكان قوله وسلوكه تعبيراً حقیقیاً عن روح القرآن ولغته ، وكان یسعى إلى وجوب إحلال هذه الثقافة في النفوس واستبدال البناء اللغوي الجاهلي بآخر جديد معجز فی بنائه حتى في المعاني التي كان العربي یعتقد أنّ الشعر الموروث وحده القادر على التعبير عنها والإجادة فیها مثل التعبير عن الطلل والذكريات[3]

‌فالإمام زين العابدين (عليه السلام) تقلد كل اسرار الابداع اللغوي ، والبلاغي من مدرسة آبائه وأجداده ، التي كان مصدرها القرآن الكريم في المعنى والمبنى ، فتميز حديثه بخصوبة الفکرة ‌، وقوة النفوذ في اختيار الألفاظ وتركيبها ، وبناء العبارات وصياغتها ، ورصف اسلوب النص وحبكته ، تتوافر فيه كل مميزات البناء من احساس عال ، ومشاعر صادقة حقيقية ومنطق يتضمن المنظومة القيمية الاسلامية التي تلقاها في الوسط النبوي الذي نشأ فيه.

إنّ النتاج الفكري للإمام السجاد (عليه السلام) يعد وثيقة تاريخية حقيقية لمصائب كربلاء بمآسيها ، فقد شهدها بنفسه ، فكان مصدراً حقيقياً للشخصية الصبورة المؤمنة... وإنّ دراسة تراثه الفكري (عليه السلام) يشكل صور فنية جسد فيها كل القيم الإسلامية من حق  وخير، وعدل، وتربية، واخلاق، التي أصبحت خطاباً لتبليغ تلك القيم، وترجمة للمشاعر والخلجات الوجدانية، وتوجيه وإرشاد في تعديل السلوك وتوجيهه، فهو انموذج لتطبيق المفاهيم الفكرية، والعقائدية، والمعرفية. قال الإمام علي بن الحسين (عليهما السلام)، في الصبر: "الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، ولا إيمان لمن لا صبر له"[4] .

        عندما تقرر النظر في مضمون حديث الإمام (عليه السلام) بشكل فاحص ، وتدقق في جمالية سياقه ، تلحظ أن بلاغته أعطت المنزلة العلائقية بين الصبر والإيمان ، بمثابة الرأس من الجسد ، وهذا النوع من الجانب الفني أسهم بشكل كبير في استنباط الدلالة التربوية من حديثه (عليه السلام) في الاخلاق، وكذلك تبيان التربية القيمية للسلوك، وهاهنا نستعرض قوله المبارك لدراستي سمتي (الصبر-الإيمان) على النحو الاتي :

 

أولا/ الصبر :

الصبر في اللغة حَبس النفس عن الجزع ، وقد صَبَر فلانٌ عند المصيبة يَصْبِرُ صَبْراً، وصَبَرْتُهُ أنا: حبسْته[5]، قال الله تعالى:]وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَه[[6]...وقيل :الصبر(( الحَبْسُ والكَفُّ فِي ضِيق، وَمِنْه قيل: فُلانٌ صُبِر، إِذا أُمْسِك وحُبِسَ للقَتْلِ، فالصَّبْرُ: حَبْسُ النَّفْسِ عَن الجَزَعِ، وحَبْسُ اللّسَانِ عَن الشَّكْوَى، وحبْسُ الجوارِحِ عَن التَّشْوِيشِ))[7].

وفي الاصطلاح حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع وعما يقتضيان حبسهما عنه.  بمعنى :حبس النفس على فعل شيء أو تركه ابتغاء وجه الله[8]، قال تعالى:] وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِم[[9]، أو أنه بتعبير آخر:  قسر النفس على مقتضيات الشرع والعقل أوامر ونواهي، وهو دليل رجاحة العقل، وسعة الأفق، وسمو الخلق، وعظمة البطولة والجَلَد، كما هو معراج طاعة اللّه تعالى ورضوانه، وسبب الظفر والنجاح، والدرع الواقي من شماتة الأعداء والحسّاد[10].

والصبر ضربان : إما أن يكون بدنياً ، وإما نفسياً ، فأما البدني كتحمل المشاق بالبدن والثبات عليها ، وكتعاطي الأعمال الشاقة ، وأما النفسي فيكون عن مشتهيات الطبع ومقتضيات الهوى ، ثم إن هذا الضرب إن كان صبراً على شهوة البطن والفرج سمي عفة ، وإن كان على احتمال مكروه ، اختلفت تسمياته عند الناس باختلاف المكروه الذي غلب عليه الصبر ، فإن كان في مصيبة اقتصر على اسم الصبر، وتضاده حالة تسمى الجزع  والهلع ، وهو إطلاق داعي الهوى ليسترسل في رفع الصوت وضرب الخدود وشق الجيوب وغيرهما .

وإن كان في احتمال الغنى سمي ضبط النفس ، وتضاده حالة تسمى البطر، وإن كان في حرب ومقاتلة سمي شجاعة ويضاده الجبن ، وإن كان في كظم الغيظ والغضب سمي حلماً ويضاده التذمر... وإن كان عن فضول العيش سمي زهداً ويضاده الحرص ، وإن كان صبراً عن قدر يسير من الحظوظ سمي قناعة ويضاده الشر[11] .

وقد ساق القرآن الكريم (الصبر) في مواضع كثر منها قوله تعالى : "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا"[12] وقوله تعالى مادحاً المؤمنين : "وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ"[13]، وقد اجزى الله تعالى الصابرين أجرهم بقوله : "إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ"[14]، كما يطمئن الله تعالى الصابرين حيث قال تعالى : "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ"[15]، كما مدحه الله سبحانه وتعالى الصبر بقوله : "وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ"[16] .

وفهماً للمعنى في ضوء النصوص القرآنية، قيل: إنّه الوُقُوف مَعَ البَلاءِ بحُسْنِ الأَدَبِ، وَقيل: هُوَ الفَنَاءُ فِي البَلْوى بلا ظُهورِ شكْوى، وَقيل: إِلْزامُ النَّفْسِ الهُجُومَ على المكَارِه، وقيل: هُوَ الثَّبَاتُ مَعَ اللَّهِ، وتَلقِّي بَلائِه بالرّحْبِ والسَّعَةِ. وَقَالَ الخَوّاصُ: هُوَ الثَّبَاتُ على أَحكامِ الدين. وَقيل: الصَّبْرُ: أَنْ تَرْضَى بتَلَفِ نَفْسِكَ فِي رِضَا من تُحِبّه. وقيل :الصَّبْرُ أَن لَا يَفْرِقَ بينَ حَالِ النِّعْمَةِ وحالِ المِحْنَةِ، مَعَ سكونِ الخاطِرِ فيهمَا ،وقيل غير ذلك[17].

و(الصبر) قيمة خلقية ومظهر من مظاهر الشخصية الإنسانية المؤمنة، تُعرف به حقيقة الإيمان وحسن اليقين بالله، إذ ذكر مثل هذا في قول الإمام علي (عليه السلام): ((عليكم بالصبر ، فإن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فكما لا خير في جسد لا رأس له ، لا خير في إيمان لا صبر معه))[18] ، وهو من القِيم العليا التي يحث الإسلامُ معتنقيه على أن يتصفوا بها؛ لأنه يزين الإنسانَ المسلم، ويمثِّل علامة على إيمانه؛ ولذا فالصبر والتقوى في الإسلام صنوان لا يفترقان ، أحدهما منوط بالآخر لا يتم كلُّ واحد منهما إلا بصاحبه ، فمن كانت التقوى مقامه كان الصبر حاله ، ومن هنا يكون الصبر أفضل الأحوال من حيث كانت التقوى أعلى المقامات ، إذ الأتقى هو الأكرم عند الله تعالى، والأكرم على الله تعالى هو الأفضل، وقد شرف الله تعالى الصبر بأن أضافه إليه بعد الأمر به فقال: ]وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّه[19][، وقال تعالى: ]وَلِرَبِّكَ فَاصْبِر[[20]، وإن كان كل شيء به وكل عمل صالح له ولا يصف الله تعالى عبداً ولا يثني عليه حتى يبتليه، فإن صبر وخرج من البلاء سليماً مدحه ووصفه وإلّا بين له كذبه ودعواه[21].

إذ إنّ الإمام زين العابدين (عليه السلام) جعل من مفهوم الصبر منظومة اخلاقية متكاملة صاغها على وفق المنهج القرآني صياغة فنية جمالية بلاغية في سياق حديثه ، وبناء تربويا متماسكا جمع فيه معاني التربية الخلقية كلها ، وعدت بوصفها رسالة وجهة للإنسان المؤمن في كل زمان ومكان مرشدا تربويا على أن يتصف بسمة التحمل لما يصيبه من المحن ، والصعاب والمواقف التي تقهره بإرادته ، أو من دونها ، سواء أكانت نفسية ام بدنية . 

والصبر ضرورة للإنسان لما له من قيمة كبيرة دينية وخلقية ، فهو ضرورة لازمة له ليرقى مادياً ومعنوياً ، ويسعد فردياً واجتماعياً ، فلا ينتصر دين ، ولا تنهض أمة إلا بالصبر ، فالصبر ضرورة دنيوية كما هو ضرورة دينية ، فلا نجاح في الدنيا ولا فلاح في الآخرة إلا بالصبر[22] .

وإنّ الصبر المتعلق بالتكليف الذي هو صبر على الطاعة أو عن المعصية؛ أفضل من الصبر على مرّ القدر ، فإن هذا الأخير يأتي به البرّ والفاجر والمؤمن والكافر ، فلابد لكل أحد من الصبر على القدر اختياراً أو اضطراراً، أما الصبر على الأوامر وعن النواهي فهو صبر أتباع الرسل، والصبر على الأوامر أفضل من الصبر عن النواهي ؛ لأن فعل المأمور أحبُّ إلى الله من ترك المحظور والصبر على أحب الأمرين أفضل وأعلى[23].

وواضح القول في شخصية الإمام زين العابدين "عليه السلام" شخصية مطمئنة انمازت بأعلى مرتبة خلقية وقيمة سلوكية تلك سمة (الصبر) وهذا تواردت دلالاته المبينة في حديثه المبارك "عليه السلام" لما له من عمق التعبير ، وحقيقة القول ، وصدق التجربة؛ لأنّ الإمام علي بن الحسين (عليهما السلام) قد مرّ بكل هذه الصعاب ، والشدائد ، والمحن ، فما زادته الاّ تقربا لله تعالى ، في عباداته ، وشكره ، وحمده ، إذ جسد المعنى الحقيقي للصبر بكل مراتبه ، وأقسامه ، وأنواعه ، وما يفصح عن هذه الحقائق تراثه الشريف المتمثل بالصحيفة السجادية ، ورسالة الحقوق ، وأحاديثه في الدين والعقيدة ، ووصاياه ، وخطبه...فهو الصورة الحقيقية في مضمون حديثه (عليه السلام). الذي استبانت فيه وظائف عدة شكلت سلوك شخصيته "عليه السلام"، وهي التحمل ، وسعة الصدر ، وضبط النفس ، والحبس والضبط ، والشدة ، والقوة ، وكظم الغيض ، والعفة ، وكتمان السر ، والحلم والثبات ، والشجاعة ، والعفو ، والصفح ، والكيس والمروءة ، وقوة الإرادة ، وطول الانتظار ، والحكمة ، والتروي ، والتعقل ، والمنطق...

ثانيا/ الإيمان :

        الإيمان في اللغة هو "الامن والاقرار والتصديق والثقة واظهار الخضوع وقبول الشريعة". "والإيمانُ التصديقُ. التهذيب: وأَما الإيمانُ فهو مصدر آمَنَ يُؤْمِنُ إيماناً، فهو مُؤْمِنٌ" [24] .

        اما الايمان في الاصطلاح : "الإيمان : معرفة بالقلب ، وإقرار باللّسان ، وعمل بالأركان"[25] انطلاقا من قول امير المؤمنين يتضح أن الايمان ، حقيقة مركبة من الفعل القلبي ، والاقرار اللساني والعمل بالأركان ، أو هو اقرار باللسان ، وتصديق بالجنان ، وعمل بالأركان[26] .

وهناك من يقسم الايمان الى أصل وفرع ، أو جذر وجذع فجذره أو أصله : الاعتقاد والإقرار وهما عمل واحد له آلتان ، هما القلب واللسان ، وجذعه أو الفروع : هي الطاعات كلها وإنما كانت إيمانا لأن الإيمان هو التصديق ، والتصديق الواقع بالقلب واللسان هو الذي يحرك على سائر الطاعات ويدعو إليها وإنما يقع ذلك من المؤمن قصدا إلى تحقيق القول بالفعل وتسوية الظاهر بالباطن ... ويجب أن يفهم أن الأصل والفرع ، أو الجذر والجذع يشكلان معا شجرة الإيمان فليس الأصل وحدة ولا الفروع وحدها تكون شجرة الإيمان[27] .

        فالإيمان في منطق حديثه المبارك "عليه السلام" ، فانه يوحي الى أنّ التربية الإيمانية عند الفرد المسلم لها أثر معنوي يدخل قلبه ، ويجعله في دور المراقب لعمله وسلوكه ، وهو نوع من الالتزام العميق بالنسبة لنشاطات حياته .

        ويظهر في سياق الحديث الشريف ملامح المنهج الاخلاقي ، وأثر الدلالة التربوية للإيمان الذي يشكل أحد أهم أصول العقيدة الإسلامية التي تأتي في مقدمتها الإيمان بالله تعالى ، ووحدانيته، وانساق ذلك على النحو الآتي:

الإيمان بالله تعالى وبربوبيته المطلقة :

إن الإيمان بالله تعالى هو أصل من أصول العقيدة في الإسلام ، فمعرفة الله عزّ وجل تجعل الفرد يبحث عن تربيته؛ لأنّه هو من خلق شخصيته – الإنسان – وكونها ، وهو من يحدد لها مساراتها ومنهجها في الحياة ، وقد ذكر الإمام (عليه السلام) كل ما يميز الإنسان في حديثه الشريف، من الرأس والجسد وهما محسوسان ملموسان ، والصبر ، والإيمان ، وهما لا يستدل عليهما إلاّ عن طريق السلوك ، كانه نقل الصورة التي تنطق بأنّ الله تعالى خلق الانسان بيده ، وهذا هو أبلغ تعبير للدلالة التربوية في حديثه الشريف ، وعليه فإنّ الإيمان بالله تعالى هو جوهر التربية الإيمانية العالية، وسرّ قوّتها وفاعليتها؛ لأنّه المنهج الواضح في رسم المخططات التربوية في اتساع الرؤية الإنسانية للحياة والمجتمع .

الإيمان بوحدانية الله تعالى :

وهو الإيمان بوجود الذات العليا وبوحدانيته تعالى باسمائه وصفاته ، أما الإيمان بوجود الله تعالى أنّه خالق كل شيء ، فهو ثابت بالدليل العقلي؛ لأنّ العقل يرى السماء المرفوعة ويشاهدها مظللة وتحتها هذا الفضاء العجيب الفسيح ، وهذا العالم المتموج الذي لا احد يستطيع عده ولا تحديده ، وكذلك يشاهد الانسان ببصره وبصيرته الارض المسوطة ، فالله تعالى هو من خلق الكون كله ، وأوجده ، وحركه ، وسيره بقدرته تعالى[28] .

        فان الاقرار بوحدانية الله تعالى توحد منهج الإنسان في الحياة ، وتنظم برنامج منظومته القيمية ، والتوحيد يوجه الرؤية الانسانية ، والتوجه الايجابي ، ويعدل السلوك ، ويصلح التربية الاخلاقية ، وكلما كان الانسان المسلم مخلصا بوحدانيته لله تعالى ، كلما ازداد قربا منه عزّ وجل .

وكذلك من الاصول العقائدية المكملة لإيمان الانسان ، النبوة ، والإمامة ، والعدل ، واليوم الآخر  والكتب السماوية ، فكل هذه الأصول تجعل الإنسان يحس بشعور ديني يمكنه من الاستقرار النفسي والطمأنينة.

        إن انعدام الشعور الديني يسبب كثيراً من مشاعر القلق والخوف من المستقبل ، والشعور بعدم الأمان ، والنزوع نحو النزعات المادية البحتة ، كما يؤدي إلى فقدان الشعور بمعنى هذه الحياة ومغزاها ، ويؤدي ذلك إلى الشعور بالضياع[29] . وهذه المشاعر وما يرافقها من نزوع نحو النزعات المادية هي أساس الانحراف الفكري ، والعاطفي ، والسلوكي ، وأساس الشرور والآثام ، ولا وقاية منها إلاّ بالأيمان بالله تعالى ، ولا علاج إلاّ بتعميق الايمان في النفوس .

وللإيمان آثار إيجابية في جميع مقوّمات النفس والحياة ، ومنها : الصحة النفسية ، والعقلية والخلقية ، والتربوية، والايمان بالله تعالى باعث للسلوك القويم ، حيث يجعل الخير والصلاح أصيلاً ثابتاً لا عارضاً مزعزعاً ، ومن آثار الإيمان على نفس الفرد هي : التفاؤل ، والتفتح ، والطمأنينة ، والتمتع باللذات المعنوية ، ومقاومة الانحراف ، والصبر على المصائب، والتنافس على عمل الصالحات وغيرها من مقومات الاستقامة وحسن السيرة والسريرة[30] .

المبحث الثاني

الإمام زين العابدين (عليه السلام) تمثل القيمة/السلوك

إنّ الشخصية البشرية لا يمكن لها أنْ تشبع جميع حاجاتها المشروعة وغير المشروعة ، نظراً لطبيعة الحياة التي لا تسمح بذلك ، حينئذ فإنّ التأجيل لإشباع الحاجات يظل هو القدر الوحيد للإنسان ، فالشخص الذي يصيبه من المصائب والمحن والظلم إلى آخره ما لا يطاق ، لا سبيل له في تلافي ما حصل له إلّا الصبر على الشدائد التي أصابته ونزلت به ، وكذلك لا مناص للصبر على ممارسة الواجب من الممارسات المطلوبة ، ففي مستوى الممارسة العبادية لا مناص من الصبر على مقاومة الحرام من الممارسات ، ولا مناص من الصبر على ممارسة الواجبات من صوم وصلاة وغيرها .

اذن الصبر هو القدر الوحيد للإنسان المؤمن بخاصة ، وهذا ما عبّر عنه الإمام (عليه السلام) بأنّ الصبر هو لبّ الإيمان ، وشبهه بالرأس من الجسد ، وهذا التشبيه هو ما يجسّد بلاغة الحديث الشريف، فنياً، ويظهر قيمته السلوكية وظيفياً.

إذ أنّ الصبر من حيث علاقته بإيمان الإنسان مشابه لرأس الإنسان من حيث علاقته بجسده؟ وواضح إنّ الرأس هو المعلم للشخصية في المظهر الخارجي ، وهو مركز الجسد بالنسبة للوظائف الحيوية ، فإذا قطع الرأس ، أو شوه ، أو جرح ، حينئذ يتلاشى كيان الشخصية أساساً بمقدار ما يفقده من الرأس كلاً أو بعضاً . من هنا يجئ التشبيه للصبر بالرأس دقيقاً ومدروساً وواضحاً؛ وذلك بسبب المماثلة بين الموضوعين ، لأنّ الإيمان بالله والالتزام بمبادئه يتطلب صبراً على المعصية ، وصبراً على الطاعة  فإذا فقد الإنسان صبره وجزع أو مارس المعصية ولم يبال بمقاومتها ، أصبح تماماً كمن فقد رأسه ، فلا يبقى للجسم معنى ولا قيمة[31] .

وعليه فالأيمان هو المصدر الأول للإرادة الذاتية فلا إرادة لمن لا إيمان له ولا إيمان لمن لا ثقة له بنفسه وعندما تتكامل هذه الصفات في الذات ينتج الصبر[32] .

وإنّ مرتبة (الصبر) العليا، تتطلب الالتزام الذاتي بمظاهر إلهية حددها الله تعالى بنصوصه القرآنية، وقد كان الإمام علي بن الحسين(عليهم السلام) مصداق الالتزام والسلوك في كل مكان وزمان لاجتنابها والابتعاد عنها، وهاهنا يتبين المعنى الصادق بأنّ الإمام زين العابدين (عليه السلام) ومن تمثل شخصيته، وسلك سلوكه وسارج على نهجه، وابتع هديه (حقيقة الشخصية المطمئنة، صدقاً وإيماناً، في  تطبيق تلك المظاهر الإلهية، التي تعدّ المظهر الحقيقي للطمأنينة النفسية، تمثلاً بسلوك صبره، وإيمانه).

وهما مرتبتان شكلت وتشكلت في شخصية الإمام "عليه السلام"، فتحمل البلاء، وصبر على المصيبة، وكان مؤمناً بقدر الإله، ومطمئناً له، فالمتمثل – الإنسان- بمظاهر هذه الشخصية المباركة، العمل بجملة أمور أنْ يتجنبها الصابرون مع الله تعالى، نسوق منها:

العجلة؛ إذ النفس موكولة بحب العاجل ]خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَل[33][، فإذا أبطأ على الإنسان ما يريد نفد صبره وضاق صدره واستعجل قطف الثمرة قبل أوانها فلا هو ظفر بثمرة طيبة ولا هو أتم المسير، ولهذا قال الله تعالى لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم):] فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ[[34]؛ أي العذاب فإن له يوماً موعوداً. الغضب؛ فقد يرى المرء مالا يليق به فيستفزه الغضب فيدفعه إلى مالا يحسن به، وهو ما يسيء إليه وإلى قضيته، ولهذا حذّر الله رسوله من مغبة الغضب بأنْ لا يقع فيما وقع فيه يونس(عليه السلام) فقال:] فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ[[35]لقد فرغ صبره فضاق صدره فغادرهم غاضباً قبل أنْ يأذن الله له ظناً منه أنّ الله لن يضيق عليه فضيق الله عليه بأنْ جعله في بطن الحوت:] وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِين[[36]، فتاب الله عليه: ]فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَم[[37]. اليأس؛ وهذا العائق أعظم عوائق الصبر وهو الذي حذّر يعقوب(عليه السلام) أبناءه من الوقوع فيه مع تكرار البحث عن يوسف وأخيه:] يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ [[38]، وهو الذي حرص القرآن على دفعه عن أنفس المؤمنين فبذر الأمل في صدورهم:] وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ # إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ[[39]، وقال لهم: ]فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ [[40]، إنّ إضاءة شعلة الأمل دواء اليأس وهذا ما ذكرت به الآيات المؤمنين وهو ما ذكر به موسى(عليه السلام) قومه فقال: ]اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين[[41].

وقد كان الإمام (عليه السلام) مثالاً للشخصية الصبورة المؤمنة المطمئنة على ما صابها، وما كان ذلك إلّا بتمثل قيم القرآن الكريم وهو المرجع الأهم في حياة الإمام علي بن الحسين (عليهم السلام)، فكانت وسيلته لتقبل قضاء الله تعالى وقدره (البكاء)، فقد روى الشيخ الصدوق بإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: البكاؤون خمسة: آدم ويعقوب، ويوسف، وفاطمة بنت محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعلي بن الحسين عليهم السلام؛ فأما آدم فبكى على الجنة حتى صار في خديه أمثال الأودية، وأما يعقوب فبكى على يوسف حتى ذهب بصره وحتى قيل له (تالله تفتؤا تذكر يوسف حتى تكون حرضاً أو تكون من الهالكين) وأما يوسف فبكى على يعقوب حتى تأذى به أهل السجن فقالوا له: أما أن تبكي الليل وتسكت بالنهار وأما أن تبكي النهار وتسكت بالليل فصالحهم على واحدة منهما. وأما فاطمة (عليها السلام) فبكت على رسول الله حتى تأذى بها أهل المدينة، فقالوا لها: قد آذيتنا بكثرة بكائك فكانت تخرج إلى مقابر الشهداء فتبكي حتى تنقضي حاجتها ثم تنصرف. وأما علي بن الحسين فبكى على الحسين (عليهم السلام) عشرين سنة أو أربعين سنة ما وضع بين يديه طعام إلّا بكى حتى قال له مولى له: جعلت فداك يا ابن رسول الله إنّي أخاف عليك أنْ تكون من الهالكين، قال: إنّما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون، إنّي ما أذكر مصرع بني فاطمة إلّا خنقتني لذلك عبرة[42].

من طريق ما تقدم، نريد أنْ نتمثل شخصية الإمام (عليه السلام)، حتى نغيِّر شخصياتنا وأنفسنا في ضوء منهجه الأخلاقي، لنعيش شخصية مطمئنة، ونؤكد (إيمانناً، وصبراً) تمثلاً بصورة المؤمن التي يصورها الإمام (عليه السلام).وذلك في تمثل أمور، منها:

يساعد الإيمان في تنمية الصفات التربوية عند الإنسان ، من تواضع ، وتسامح ، وإخلاص ، وعدم التطرف ، أو الغرور بذاته وصفاتها . إن إيمان الإنسان بالله تعالى إيمانا مخلصا وصادقا يبث في نفسه الطمأنينة والرجاء في دعائه ، فيشعر أنه قريب منه ، يجيب دعوة الداعي . الصبر هو سمة شخصية يستدل عليها في سلوك الإنسان عن طريق الاخلاق الفاضلة المطلقة في سلوكه وحياته بشكل مستمر ، بلا نفاق ولا رياء ثابتة لا يغيرها شيء من اعراض الحياة الزائلة الصبر نتيجة الإيمان ، فالإنسان الصابر على الشدائد ، والسمو بالنفس ، والجود بها ، والتضحية من أجل دين ، أو عرض ، أو وطن ، أو مال ، كل ذلك تتجلى معالمه في شخصية الإنسان المؤمن، المطمئن ذاتياً ونفسياً . الإيثار على الدنيا ، والصبر على مغرياتها ، وباء علاجه التربية القرآنية ، والقيم النبوية ، والاخلاق الامامية .

الخاتمة :

أراد الإمام (عليه السلام) من يتبع منهجه أنْ يلتزم نتربيته على وفق منهج الله تعالى في كتابه الكريم ؛ هي التي تساهم بشكل كبير في تعديل سلوكه ، وتصحيحه. اعتقاد الفرد المسلم المؤمن بوحدانية الله تعالى تساهم في تنظيم جوانب حياته المختلفة ، وتجعله مطمئنا في عيشه ، وتربي عنده سمات التواضع ، والتسامح ، والصبر ، والايمان . إن الصبر سمة شخصية واضحة في شخصية الإمام زين العابدين (عليه السلام) ، وتقليدها ومحاكاتها تحقق الاخلاق الفاضلة في سلوك الفرد ، وهي مقرونة بالإيمان عنده ونتيجة ذلك تخفف من حدة الضغوط النفسية. ينمي حديث الاخلاق للإمام (عليه السلام) زيادة الوعي الديني للفرد والمجتمع ، بأهمية الالتزام بما جاء في مضمونه من الدلالة التربوية والخلقية ، علماً ، ومعرفة ، وتطبيقاً ، لتتكامل عنده المنظومة القيمية الإسلامية . الصبر صفة من صفات الله الحسنى ، وقد جعله من عزم الأمور ، وأضاف إليها في القرآن أكثر الدرجات وأكبرها ، وجعلها صفة منتجة دائما . إن أكثر أخلاق الإيمان داخلة في الصبر ، والصبر ضرورة لازمة لأهل الإيمان ؛ لأنهم أشد تعرضاً للأذى ، والمحن ، والابتلاء في أموالهم ، وأنفسهم ، فمنزلة الصبر مقرونة بمقومات الاسلام ، الايمان ، والتقوى ، والشكر ، والرحمة وغيرها . تعد شخصية الإمام زين العابدين (عليه السلام) هي المصدر الحقيقي الصادق والمعبر لاستنتاج الدلالة التربوية في نصوص احاديثه بشكل عام.

المصادر:

القرآن الكريم.

ابن تيمية، شيخ الإسلام أبو العباس تقي الدين أحمد، منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية، ط1،بولاق المصرية، د.ت. ابن منظور ، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ، لسان العرب ، دار صادر ،بيروت، د.ت. البستاني ، محمود ، نور وبلاغة ، مؤسسة السبطين العالمية ، 7/4/2010. sibtayn@sibtayn.comsibtayn@sibtayn.com ، (الموقع) . الجزائري ، أبي بكر جابر ، عقيدة المؤمن ، دار البيان ، بيروت ، د.ت . الحارثي المكي (المتوفى: 386هـ)، أبو طالب محمد بن علي بن عطية، قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد: تحقيق: عاصم إبراهيم الكيالي، دار الكتب العلمية، ط2،  بيروت ، 1426 هـ -2005 م. الحنفي ، محمد بن علي محمد ، شرح العقيدة الطحاوية ، مكتبة الدعوة الاسلامية ، القاهرة . د.ت. الصدوق (381ه)، أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، كتاب الخصال، صححه وعلق عليه: علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي، د.ت. الراغب الأصفهانى، أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف (ت: 502هـ) ،المفردات في غريب القرآن: تحقيق: صفوان عدنان الداودي، دار القلم، دمشق ، ط1،1412ه. الراوي ، حازم عبد القهار ، الصبر والاقدام عند العرب ، مطبعة الراية ، بغداد ، 1987. الزَّبيدي (ت: 1205هـ)، مرتضى، تاج العروس من جواهر القاموس: تحقيق: مجموعة من المحققين، دار الهداية، الكويت، د.ت. السَّبزواري ، محمّد بن محمّد ، جامع الأخبار ، ط1 ، تحقيق : علاء جعفر ، مؤسّسة آل البيت عليهم السّلام لإحياء التراث ، قم المقدسة ، 1414ه. الشرقاوي  ، محمد عبد الله  ، الإيمان حقيقته و أثره في النفس و المجتمع أصوله وفروعه مقتضياته و نواقضه  ، دار الجيل ، بيروت ، د.ت . العذاري ، شهاب الدين ، ملامح المنهج التربوي عند اهل البيت عليهم السلام ، سلسلة المعارف الاسلامية 42 ، مركز الرسالة ، د.ت . العيسوي ، عبدالرحمن ، دراسات في تفسير السلوك الانساني ، دار الراتب الجامعية ، بيروت ، 1419 ه‍. الغزالي ، أبو حامد محمد بن محمد ، إحياء علوم الدين ، دار الحديث ، القاهرة ، 1994 . الفحام ، عباس علي ، سرّ الإبداع اللغوي عند الإمام عليه السلام ، دار العرفان ، 3013 . (www. ERFAN.IR). الفيروزآبادى (ت: 817هـ)، مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب، بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، تحقيق: محمد علي النجار، لجنة إحياء التراث الإسلامي، القاهرة، د.ت. ، القاموس المحيط ، ط9 ، مؤسسة الرسالة للطباعة ، بيروت . 2003. كايد قرعوش وآخرون ، الأخلاق في الإسلام ، دار المناهج للنشر والتوزيع ، الأردن ، ط4 ، 2006م . المعتزلي ، ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ، ط2 ، تحقيق: محمد ابراهيم ، دار الاميرة للطباعة والنشر والتوزيع ،بيروت ، 2007 . المفيد، الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان البغدادي، الارشاد في معرفة حجج الله على العباد،ط1،  نشر وتحقيق: مؤسسة ال البيت لاحياء التراث، 1995. النراقي(ت: 1209ه)، الشيخ محمد مهدي، جامع السعادات: تعليق: السيد محمد كلانتر، مؤسسة السيدة المعصومة ، ط1 ، قم ، 1424 ه.ق.

 

الهوامش:

 

[1] - الإرشاد : 2 / 138 و 153 .

[2] - منهاج السنّة : 2 / 123 .

[3] - الفحام ، عباس علي ، سرّ الإبداع اللغوي عند الإمام عليه السلام ، دار العرفان ، 3013 . (www. ERFAN.IR)

[4] - السَّبزواري ، محمّد بن محمّد ، جامع الأخبار ، ط1 ، تحقيق : علاء جعفر ، مؤسّسة آل البيت عليهم السّلام لإحياء التراث ، قم المقدسة ، 1414ه، ص316 .

[5] - ينظر: لسان العرب : ابن منظور : مادة (صبر): 4/ 438.

[6] - الكهف : 28.

[7]- بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز: الفيروزآبادي : 3/371.

[8] - مفردات غريب القرآن: الراغب الأصفهاني : 273.

[9] - الرعد: 22.

[10] - ينظر: مفردات غريب القرآن: 273.

[11] - الغزالي ، أبو حامد محمد بن محمد ، إحياء علوم الدين ، دار الحديث ، القاهرة ، 1994 . ج4 ،ص104.

[12] - سورة آل عمران / الآية 200.

[13] - سورة العصر / الآية 3 .

[14] - سورة الزمر / الآية 10.

[15] - سورة البقرة / الآية 153.

[16] - سورة الشورى / الآية 43.

[17] - ينظر : تاج العروس من جواهر القاموس: الفيروزآبادي : 12/ 272.

[18] - شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد:1 /324

[19] - النحل : 127.

[20] - المدثر: 7.

[21]- قوت القلوب في معاملة المحبوب: أبو طالب المكي: 1/ 331.

[22] - كايد قرعوش وآخرون ، الأخلاق في الإسلام ، دار المناهج للنشر والتوزيع ، الأردن ، ط4 ، 2006م ، ص10 .

[23] - ينظر: إحياء علوم الدين : أبو حامد الغزالي:4 /72، وجامع السعادات : 558.

[24] - الفيروزآبادي ، مجد الدين الدين محمد ، القاموس المحيط ، ط9 ، مؤسسة الرسالة للطباعة ، بيروت . 2003،ج4، ص199 ، وينظر : ابن منظور ، مصدر سابق ، ج13 ، ص25.

[25] - المعتزلي ، ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ، ط2 ، تحقيق : محمد ابراهيم ، دار الاميرة للطباعة والنشر والتوزيع  بيروت ، 2007 ، باب الحكم ، ص 227.

[26] - الحنفي ، محمد بن علي محمد ، شرح العقيدة الطحاوية ، مكتبة الدعوة الاسلامية ، القاهرة . د.ت، ص313.

[27] - الشرقاوي  ، محمد عبد الله  ، الإيمان حقيقته و أثره في النفس و المجتمع أصوله و فروعه مقتضياته ونواقضه  ، دار الجيل ، بيروت ، د.ت ، ص32 .

[28] - الجزائري ، أبي بكر جابر ، عقيدة المؤمن ، دار البيان ، بيروت ، د.ت ، ص34.

[29] - العيسوي ، عبدالرحمن ، دراسات في تفسير السلوك الانساني ، دار الراتب الجامعية ، بيروت ، 1419 ه‍. ص 193

[30]-  العذاري ، شهاب الدين ، ملامح المنهج التربوي عند اهل البيت عليهم السلام ، سلسلة المعارف الاسلامية 42 ، مركز الرسالة ، د.ت . ص34-35.

[31] - ينظر : البستاني ، محمود ، نور وبلاغة ، مؤسسة السبطين العالمية ، 7/4/2010. sibtayn@sibtayn.comsibtayn@sibtayn.com ، (الموقع) .

[32] - الراوي ، حازم عبد القهار ، الصبر والاقدام عند العرب ، مطبعة الراية ، بغداد ، 1987 ، ص 39-40 .

[33] - الأنبياء :37.

[34] - الأحقاف: 35.

[35] - القلم 48

[36] - الأنبياء :87.

[37] - الأنبياء: 88.

[38] - يوسف:87.

[39] - آل عمران: 139-140.

[40] - محمد : 35.

[41] - الأعراف: 128.

[42] - الخصال ج1 ص129

 

 

gate.attachment