الخطبة الدينية للسيد أحمد الصافي من الصحن الحسيني الشريف بتاريخ 12 شوال 1438 هـ الموافق 07 /07 /2017 م

ثقافة الحمد والشكر من الثقافات التي أكّدت عليها الديانات السماويّة والقرآن الكريم وروايات أهل البيت(عليهم السلام)

النص الكامل للخطبة الاولى

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه أبي القاسم محمد وعلى آله الطيّبين الطاهرين، الحمدُ لله الأوّل قبل كلّ أوّل والآخر بعد كلّ آخر، بأوّليّته وجب أن لا أوّل له، وبآخريّته وجب أن لا آخر له.. إخوتي أبنائي آبائي وفّقكم الله تعالى لكلّ خير، أخواتي بناتي أمّهاتي سدّدكنّ الله تعالى في القول والعمل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أوصيكم ونفسي الجانية بتقوى الله تبارك وتعالى والخوف منه والرجاء اليه، فإنّه سعد من اتّقى الله وجاهد فيه، أعاننا الله على أنفسنا كما أعان الصالحين على أنفسهم، وألبسنا الله وإيّاكم لباس التقوى..

من كلامٍ لسيّد البلغاء وأمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) أنّه سأله سائلٌ عن الخير ما هو؟ وقبل أن أدخل في متن الحديث الشريف أو الرواية الشريفة أودّ أن أبيّن أنّ وجود الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) بين ظهرانيّ الناس كان فرصة للعاقل أن يستفهم من أمير المؤمنين(عليه السلام)، باعتبار أنّ أمير المؤمنين هو وصيّ المصطفى(صلّى الله عليه وآله) وعنده علم رسول الله وهو باب مدينة العلم، ولذلك بعض الأصحاب كان يغتنم الفرصة ويتوجّه بالسؤال لأمير المؤمنين ويسأله أسئلةً شتّى، واستفاد منه(عليه السلام) مجموعةٌ كبيرة من الأصحاب ووُسموا بأنّهم من أصحاب أو حواريّي أمير المؤمنين(عليه السلام)، والإنسان العاقل يستفيد من بركة وجود الإمام أو العالِم حتى يسأله عن أمور كثيرة، والإنسان العاقل يهتمّ بأمور معاده كما يهتمّ بأمور معاشه، فإنّ ذاك أمرٌ باقٍ وهذا أمر زائل، وربّ كلمةٍ خرجت من الإمام أو من العالِم فتحت أبواباً كثيرة للسائل، ربّما سأله سائل وكان السائل لا يفقه لكن الإمام عندما أجاب أجاب بمحضرٍ من الناس فاستفاد من الجواب من لم يسأله، وهذه من بركات السؤال حتى أنّه ورد (إنّ العلم مكنوز -أو مخزون- ومفاتحه السؤال)، والإنسان يسأل عن أمور دينه حتّى يُقال إنّه مجنون –كما ورد-، معنى مجنون أي أنّه محبّ وشديد الحبّ لهذا الدين فيسأل دائماً.

هذا السائل سأل أمير المؤمنين(عليه السلام) عن الخير ما هو؟ لاحظوا هذا المعنى مهمّ هذا يعرف الخير لكن أراد من أمير المؤمنين أن يشخّص فاغتنم الفرصة لأن يسأل أمير المؤمنين عن الخير ما هو؟ فقال (عليه السلام) -والكلام موجّه لنا- قال: (ليس الخير أن يكثر مالُك وولدُك..) سأكمل الحديث وأرجع (..ولكنّ الخير أن يكثر علمُك وأن يعظم حلمُك وأن تُباهي الناس بعبادة ربّك، فإن أحسنت حمدت الله وإن أسأت استغفرت الله، ولا خير في الدنيا إلّا لرجلين: رجل أذنب ذنوباً فهو يتداركها بالتوبة، ورجل يُسارع في الخيرات، ولا يقلّ عملٌ مع التقوى وكيف يقلّ ما يُتقبّل) وهنا إشارة الى الآية الشريفة (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)، لا بأس بالتفكّر في هذا الحديث الشريف الذي بيّنه أمير المؤمنين وكأنّنا نحنُ السائلون! نحن نسأل أمير المؤمنين(عليه السلام) نسأل الإمام الحسن الإمام الحسين بل نسأل إمام زماننا الإمام المهدي(سلام الله عليه) وهو من هذه الذريّة المباركة، نقول له ما الخيرُ يا بقيّة الله؟! الجواب لا شكّ هو عين جواب أمير المؤمنين(عليه السلام)، كما ورد عنهم: إنّ حديثي حديث أبي وحديث أبي حديث جدّي... الى أن تصل السلسلة الى النبيّ الى جبرائيل الى الله تعالى.

ما هو الخير؟! نحن الآن عندما نسأل نريد أن نستفهم نريد أن نستفسر حتّى نعمل، عند السؤال عادةً الإنسان يزداد معلومة من الجواب، لكن السؤال الغرض منه الجواب أو الإنسان تكون عنده قاعدة فكريّة علميّة وتكون عنده نظريّة على ضوئها يعمل، فالإمام (عليه السلام) يطرح الموازين، يقول: (ليس الخير أن يكثر مالُك وولدُك)، طبعاً هذا النفي يقولُ البعض أنّ الإمام أمير المؤمنين ليس في مقام أن ينفي كون المال خيراً أو ينفي كون الولد خيراً، لا شكّ أنّ المال خير ونحن نسأل وندعو: اللهمّ وسّع في أرزاقنا، ونقصد من الدعاء المال، وأيضاً ندعو الله تعالى أن يرزقنا من الولد كما في أدعية كثيرة: اللهم ارزقني ولداً صالحاً، والأولاد في بعض المواطن أنّ الإنسان تكون له عزّة في الدنيا بكثرة أولاده، في دعاء أبي حمزة الثمالي الإمام يقول: (وأنا القليل الذي كثّرته)، فليس المقام مقام نفي أصل المال والخير، لكن الإمام(عليه السلام) في مقام بيان عن أيّ شيءٍ يفتّش العاقل المؤمن، وإلّا هذا السائل يبدو أنّه يسأل عن شيء يريد أن يستنطق أمير المؤمنين، همام هذا الشخص الذي سأل أمير المؤمنين: صفْ لي المتّقين. أميرُ المؤمنين تكلّم بكلامٍ موجز معه، قال هذا لا أكتفي فأراد أن يستزيد، الى أن بيّن الإمام جميع الصفات فشهق هُمام شهقةً فمات، في بعض الحالات مثلاً تسأل العالم تقول: له ما الصلاة؟ وأنت تعرف الصلاة! يوميّاً تصلّي فتسأل ما الصلاة؟ فالعالِم عندما يتحدّث لك عن الصلاة تريد أن تعرف السرّ الحقيقيّ أنّ هذه الصلاة التي تُقبل لابُدّ أن تكون لها مواصفات خاصّة، الإنسان يعرف الخير فالخير من المفاهيم -كما يقول أهل العرف- أنّ الإنسان يصل أرحامه خير، تكون عنده سعةٌ من المال خير، الله يرزقه ولداً صالحاً خير، الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) يريد أن يلفت نظر السائل الى الحقيقة وما وراءها، بحيث هذه الحقيقة لو حصلت لا يعدّ هذا الموجود بلحاظها خيراً أصلاً، كما أنّ الدنيا بلحاظ الآخرة لا شيء، أنّ الإنسان يتنعّم في الدنيا وعندما يأتي الى الآخرة يرى أنّ نِعَمَ الآخرة لا تُقارن بنِعَمِ الدنيا فهي لا شيء! أو الإنسان عندما يُعيَّر فالعارُ مسألةٌ صعبة، لكن عندما يُقارِن ألم العار مع النار قطعاً يقول: العارُ ولا النار، لأنّ النار فيها سخط الله تبارك وتعالى وفيها عذاب قد يكون دائماً -والعياذ بالله-.

هذا عندما يسأل يقول: هذا الخير متعارفٌ عند الناس أنّه الانسان يكثر ماله ويكثر ولده، لكن هل هذا هو مطمح ومطمع الإنسان العاقل المؤمن الذي يبحث عن شيء آخر؟! قطعاً لا.. أمير المؤمنين(عليه السلام) سيرتُه الذاتيّة (صلوات الله وسلامه عليه) وسيرةُ ولده قطعاً المال عندهم، فقد كان يعمل ويحصل على المال ويقوّت نفسه، لكنّه لا يُعطي كلّ وقته لهذا فكان إذا فرغ في الليل (صلوات الله وسلامه عليه) يأنس بالليل، ومعنى يأنس بالليل لأنّ هذا وقت الراحة، فالإنسان يرتاح وينام أو يأتي له أحدٌ فيأخذ معه بالكلام ويجلس مع من يحبّ، أمير المؤمنين كان يأنس بالليل لماذا؟ لأنّه في الليل يُناغي ويُناجي ربّه ولا توجد لحظة في الدنيا أسعد من هذه اللحظة لذا قدّمها (سلام الله عليه) على كلّ حالةٍ من الحالات، حتى قال فيه الشاعر: (هو البكّاء في المحراب ليلاً..) باعتبار أنّ هذه الحالة حالة ملازمة لا تنفكّ عن أمير المؤمنين(سلام الله عليه).

فالإمام عندما يسأله هذا السائل يقول له: هذا ليس من الخير، الحالة الكماليّة الحالة التي يبحث فيها الإنسان، وهذه المسألة الآن وجداناً نحن نشعر بها، الإنسان كلّما زادت همّته بقي لم يقنع بالمرتبة الأقلّ، مثلاً إنسان متعلّم يبذل لا يقنع بدرجة سبعين في المائة وإنسان همّته متواضعة يقنع بالنجاح كيفما اتّفق، فهذا النجاح بالقياس لصاحب الهمّة يقول: ليس النجاح في ذلك –ينفي- وإنّما النجاح في كذا وكذا وكذا، أمير المؤمنين في هذا الحديث الشريف يبدو أنّه ناظر الى هذه الحالة، وإلّا قطعاً المال خير والولد خير، ولكن ليست هذه الحالة حالة مَنْ زادت همّته ومن كبرت همّته، إذن ما هو الخير الذي فيه همّة عالية يا أمير المؤمنين؟! قال: (ولكنّ الخير أن يكثر علمُك وأن يعظم حلمُك) لماذا؟! حقيقةً العلم اختصّ به الإنسان من بين سائر العجماوات باستثناء الملائكة فالملائكة تعلم، الله تبارك وتعالى وهب لنا العقل ولا خير في امرئ لا يستخدم عقله، والعقل يزكو وينمو، من الممكن أن يكون هذا عاقلاً وهذا أعقل يعني عنده كمال العقل، حتّى أنّنا عندما نزور حبيب بن مظاهر نقول: اللهمّ ارزقني عقلاً كاملاً، والإنسان الآن عندما يدعو يدعو بنفس هذا الدعاء: (اللهمّ ارزقني عقلاً كاملاً)، والعقل يحتاجه الإنسان في أن يستثمره ما دام في الدنيا، العقل الى ماذا يدعوه؟ يدعوه الى أن يتعلّم ما يُنجيه دنياً وأخرى، لكن العلم مهما كان فإنّ صاحبه عزيز، والله تعالى رفع أقواماً بالعلم وكانوا من عامّة الناس وأهبط أقواماً كانوا من عليّة الناس، لكن كانوا لا حسب ولا أدب ولا علم فكانوا سقط المتاع لا قيمة لهم، والله تعالى رفع بالعلم أُناساً، يقول: (الخير هو أن يكثر علمك) هذا هو مقام التمييز بين الناس، بين الطموح، أنّه أنا عندي خير يعني عندي علم كثير، ثمّ قال: (وأن يعظم حلمك) وهذه من صفات الكمال، أن يكون الإنسان حليماً، وإنّ إبراهيم حليم أوّاه منيب كما في مضمون الآيات الشريفة، وهذا الحلم حقيقةً تميّز به أهل البيت(عليهم السلام)، والحلم هي حالة الأناة وحالة التحمّل وحالة الصبر الخاصّ أنّ الإنسان حليم، الله تبارك وتعالى من صفاته أنّه حليم، الله يحلم بنا، (لا تُعاملني بجهلي عاملني بحلمك)، الإنسان جاهل فيُذنب يتخطّى لكن الله تبارك وتعالى يحلم، يقول: الخير إذا كثر العلم أن يكثر الحلم معه، أنّ الإنسان حليم يتحمّل لا يحاول أن ينتقم بمجرّد أن جاءته أسباب الانتقام، ينتقم إذا حصل عنده مال وينتقم إذا حصلت عنده سلطة وينتقم إذا حصل عنده موقع، وهذا من دَرَكِ العقل إن كان فيه عقل.

أمير المؤمنين يريد أن يرتقي يقول هذا هو الخير الحقيقي الذي تبحث عنه ومحلّ التنافس هو هذا، ثمّ (وأن تُباهي الناس بعبادة ربّك) هذه العبارة تحتاج الى بيان، واقعاً تباهي الناس معنى ذلك أنا لا أقول لفلان إنّ عبادتي أفضل من عبادتك، هذا المقدار قد تدخل فيه عوامل الرياء وعوامل العجب، لكن الإنسان بداخله يعلم أنّه هو يلجأ الى الله تبارك وتعالى، ولاحظوا في بعض الروايات أنّ الله تبارك وتعالى يُباهي الملائكة بعبده، يعني يقول للملائكة: هذا عبدي أعطيته شهوة وأعطيته عقلاً ولم يتركني، وهذه المباهاة ترفع قدر الإنسان، لا شكّ أنّ الله إذا باهى بعبده أحداً معنى ذلك أنّ الله قد رضي عنه، وما أجمل هذه الكلمة أنّ الله تعالى قد رضي عنّي، ورضا الله تبارك وتعالى هذا الرضا لا شكّ أنّه يكون مشفوعاً بالرحمة -رحمة خاصّة-، حتى ورد في بعض الآيات (رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ)، الله سبحانه وتعالى يُباهي بهذا العبد بماذا يباهي؟ لا بالمال ولا بالولد إنّما يُباهي في العبادة، أنّ هذا كان عبداً شكوراً عبداً مطيعاً عبداً خائفاً من الله تبارك وتعالى، وراجياً الى الله تعالى ما عنده وتاركاً ما في أيدي الناس، وهذه العبادة قطعاً لها صور، ونحن عرضنا بخدمتكم سابقاً لا شكّ أنّ عبادة العالم غير عبادة المتعلّم وعبادة المتعلّم غير عبادة الجاهل وعبادة الإمام غير عبادة العالِم، لو أُتيح لنا أن ننظر الى عبادة أمير المؤمنين قطعاً لهالنا ما نراه، خصوصاً في الخلوات التي ينفرد فيها مع الله تبارك وتعالى ويأنس بها، ولا شكّ أنّ عبادة المصطفى(صلّى الله عليه وآله) كانت أكثر وأكثر، وهذه العبادة من موارد العلقة ما بين الداني والعالي وما بين الفقير والغني وما بين الزائل والدائم، نسأل الله تبارك وتعالى أن يعيننا وإيّاكم على ذلك.

ثمّ قال: (فإن أحسنتَ حمدتَ الله، وإن أسأتَ استغفرتَ الله) الآن نحن بين حالتين إخواني، حالة الحمد وحالة الاستغفار، ما معنى الحمد؟ -بإيجاز حتّى لا يدركنا الوقت- الحمد هو أن تستحضر كلّ خيرٍ وكلّ شيء وتنسبه الى الله، ولذلك لعلّه أبلغ كلمة وأجمع كلمة في مسألة الحمد هي هذه العبارة (الحمدُ لله)، هذه العبارة بتأمّل وبتدقيق يعني هذه الألف واللام جعلت كلّ فرد من أفراد الحمد هو لله تعالى، يعني تريد أن تقول إنّ كلّ حمدٍ لله تبارك وتعالى، الإنسان عندما يستحضر هذه المسألة لا شكّ يكون من خيرة العبّاد، إخواني الحمد ليس فقط قضيّة إدارة المسبحة، والإنسان قد يُدير المسبحة وفكره في شيءٍ آخر، قد يقول (الحمد لله) ولكن يفكّر في معصية الله -والعياذ بالله-، الحمد هذه حالة الاستحضار التي تنبع من يقين واعتقاد وعدم غفلة بأنّ الحمد لابُدّ أن يكون لله، حتّى هذه الحسنة الإمام يقول: (فإن أحسنت حمدت الله) أي أنّ الله وفّقك الى أن تُحسن فاستوجب منك الحمد، وهذه الثقافة -ثقافة الحمد والشكر- من الثقافات التي أكّدت عليها الديانات السماويّة والقرآن الكريم وروايات أهل البيت(عليهم السلام)، وهي من الأذكار المروّضة للإنسان أن يحمد الله تعالى دائماً، لعلّ المقام لا يسع في خطبةٍ أن تظهر فوائد الحمد عندما نستجمع الآيات والأحاديث التي تركّز على مسألة الحمد، وكفاها وكفى الحمد إشارة أنّ الله تعالى افتتح فيه السورة المباركة -سورة الفاتحة- وجعلها واجبة في الصلوات، فلا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب، ونبدأ الفاتحة بـ(الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) ولاحظوا أهميّة هذه اللفظة بما تحتوي من معنى، ألا وهو أن يكون الإنسان حامداً، ولذلك فإنّ جميع أدعية الأئمّة(عليهم السلام) وخطبهم الشريفة حتّى في أحلك الظروف تبدأ بـ(الحمد لله)، فاطمة الصغرى عندما خطبت في الكوفة قالت: (الحمد لله كثيراً، الحمد لله عدد الرمل والحصى، وزنة العرش الى الثرى) هذه الثقافة عند أهل البيت ثقافةٌ يوميّة، يفتح عينه على الحمد ويُغمض عينه على الحمد ويعيش نهاره على الحمد، ليست ثقافة تحتاج الى أن ننتبه إذا تفطّنّا نحمد الله فهذه ثقافة منقوصة، ثقافة الحمد ثقافة يوميّة ولسان العاقل ولسان المؤمن أن يحمد الله، وقلب الإنسان أن دائماً يستحضر الحمد لله، أمام الله تعالى الإنسان يلغي ذاته ويجعل وجوده لا وجود أمام الله تعالى، إنصافاً نحن عبيد لا نملك لأنفسنا نفعاً ولا ضرّاً، ورد في الأدعية (اللهمّ لا تكلني الى نفسي طرفة عينٍ أبداً) لماذا؟! لأنّ الحقيقة أنّنا لا نملك شيئاً، الله تبارك وتعالى يعتني بنا ويرحمنا ولذلك يتوجّب له الحمد منّا دائماً، وإن أسأنا -والعياذ بالله- والإنسان مع الأسف يقع بين إساءة وبين ذنب، قال: (وإن أسأت استغفرت الله) وأيضاً الإنسان المؤمن يرى نفسه دائماً هو لا يلبّي أو لا يُعطي الله تعالى حقّه فهو في استغفار دائماً، ثقافة الحمد وثقافة الاستغفار من موارد البركات، بل الاستغفار موطنٌ من مواطن نزول البركات، إنّ الإنسان بالاستغفار يملأ الله سبحانه وتعالى له الأرض من خيراتها، ويجعل السماء تنزل هذه البركات..

نسأل الله سبحانه وتعالى بمحمدٍ وآله أن يجعلنا وإيّاكم من الحامدين والمستغفرين، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وكفّر عنّا سيّئاتنا وتوفّنا مسلمين، اللهم ادفع عنّا كلّ سوء بمحمد وآله، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمد وآله الطيّبين الطاهرين.

gate.attachment