الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة السيد احمد الصافي في 23/ذو الحجة/1438هـ الموافق 15 /9 /2017م :

اخوتي اخواتي في البدء نقدم احر التعازي والمواساة الى ذوي ضحايا العملية الارهابية في ذي قار مع دعائنا وتمنياتنا للجرحى بالشفاء العاجل..

ان العدو الداعشي بعد ان تم سحقه على ايدي ابطال العراق في ساحات الوغى يحاول الانتقام من المدنيين الابرياء بهذه الاعمال الوحشية وعليه فمن الضروري ان تتخذ الحكومة المركزية والمسؤولون في المحافظات اجراءات مناسبة وجدية بحماية المواطنين من الارهابيين..قبل ان انتقل الى الفقرة الثانية اخواني طبعاً هذا الموضوع موضوع التفجيرات هو اسلوب الجبناء وهذا الاسلوب يحتاج من الجهات الامنية ان تكون حذرة لأن الانسان الشجاع حتى وان كان عدواً له فان له طريقة في التعامل مع عدوه اما الانسان الجبان الدنيء لاتوجد عنده طريقة معينة دائماً يحاول ان يغدر دائماً يحاول ان يستهدف الابرياء فلا يفرق بين طفل رضيع او شيخ كبير، اصلا ً هو خارج عن منطق الانسانية فلابد ان يكون هناك رصد دائم لحركته ومنعه من ان يصل الى اهدافه لأن هذا العدو كما اظهر نفسه من خلال هذه العمليات واشباهها من سنين يستهدف الازقة والمدارس والاسواق والاطفال، همّه الاكبر ان يحصد اكثر ارواح ممكنة ..والناس لا تخلوا من تجمعات في الاسواق والمواكب والزيارات وبالنتيجة هذه المسألة مسألة مهمة تكلمنا عنها كثيراً..لابد ان يكون الاخوة المعنيون بمستوى عالي من الحرفية والمهنية وان تتكاتف الاجهزة الامنية فيما بينها لمنع تكرر مثل هذه الحالة.. طبعاً معنويات الضحايا واقعاً انا قبل نصف ساعة تكلمت مع احد عوائل المصابين..واقعاً معنويات عالية جداً لكن هذا المقدار وحده لا يكفي لاشك هؤلاء معنوياتهم تكون دائماً كبيرة وتكون دائماً في حالة الاستعداد للتضحية.. لكن على الجهات الامنية ان لا تجعل هذا المشهد يتكرر.. بالنتيجة آباء وامهات مفجوعين يحبوا ان يعيشوا في امن وامان وهذا من ابسط الحقوق لهم..على كل حال اسأل الله سبحانه وتعالى ان يعين القائمين على ذلك لغرض منع التكرر.. ونجدد تعازينا لأسر الضحايا الاعزاء ودعائنا للمرضى بالشفاء بحق محمد وآله..قال الله تبارك وتعالى في سورة آل عمران : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103).هذه الاية المباركة تمر عليكم كثيراً ويقرأها عادة الناس في مورد ما تشير اليه الآية ألا وهو الاعتصام بحبل الله وعدم التفرقة.. الاية الشريفة تنبهنا الى مشكلة التفرقة.. الآية الشريفة في مقام ان تأمر استعملت فعل الامر قالت (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً) لأهمية الاعتصام ومعنى الاعتصام هو الانسان ان يلجأ..اعتصمت بك اني اعاني من مشكلة فاعتصمت بك اعتقاداً مني انك تحل هذه المشكلة والله تبارك وتعالى لا شك نِعمَ المعتصم به.. نتمسك بالله تبارك وتعالى والخطاب لا يحدد ((وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً)، كلكم الجأوا الى هذا الاعتصام لأن بهذا الاعتصام ستكون هناك قوة ومِنعة وبهذا الاعتصام ستكونون معتصَمين لا خوف عليكم..ثم تبدأ الاية تنهانا عن خلاف ذلك تقول : (وَلا تَفَرَّقُوا) لاحظوا المقابلة ما بين الامرين امر الاعتصام بفوائده الجمّة وامر التفرقة لتداعياته السيئة، القران الكريم ليس له مصلحة فينا وانما ارشاد وتعليم وتوجيه منه لنا ان هذه الطريقة طريقة التفرق..طريقة غير مجدية لكم وستجعلكم في مشاكل تلو مشاكل بخلاف الاعتصام.. ثم القران ينبه الى خصوصية هذه المقابلة بين الامرين قال : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً) هذا الشق الاول الذي قلنا هذا الامر عبّر عنه الالزام او الارشاد في مقابل قال (وَلا تَفَرَّقُوا) في مقابل ان ينهانا عن التفرقة ثم القران يذكّر يقول (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ) الانسان في بعض الحالات ينسى.. عندما ننتقل من ظرف زمان الى اخر ننسى، الانسان في حالة المرض تجده يعطي لنفسه مواثيق والتزامات اذا كان مريضاً ثم بعد ذلك الله تعالى يمن عليه بالصحة.. سينسى تلك الحالة التي كان فيها وينسى الوعود ويتنكر للوعود التي كان يعطيها لنفسه.. لماذا؟! لأن هذه الحالة حالة ان ننسى اشبه بالوضع الطبيعي في بعض الحالات، القران الكريم ينبه هذه مشكلة لابد ان تحلها ايها الناسي.. اذكر في المقابل نحن غافلون وغير ملتفتين..القران الكريم يقول (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ).. ماهي النعمة قالت (إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ) الاية لم تقل فصالحكم، العدو مع عدوه، العداوة لا تبقى وهي غير محببة، اذا احد حاول ان يجمع قالوا (صالحهم) الاية لم تقل كنتم اعداءً فصالحكم، التفتوا للدقة هناك نكتة في هذه الاية لأن المصالحة قد يبقى في النفس شيء ولذلك عندما تكون هناك مشكلة بين اثنين بعد المصالحة يقول اغسل قلبك وابرئ الذمة ولا يطمئن يريد ان يسمعها..تحتاج المصالحة شيء آخر .. القران يقول (إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ) اين الأُلفة؟ في القلوب، بمعنى انها الفة حقيقية والفة واقعية لانه كنتم اعداء وكانت مصالحكم شتّى ..الان اعتصموا واجعلوا مصيركم واحداً تمسكوا بالله واعتصموا بالله واجمعوا انفسكم وتذكروا انكم كنتم اعداءا.. الله تعالى بيّن لكم وجاء لكم بشرعة ومنهاج فألّف بين قلوبكم ليس امراً ظاهرياً بل واقعياً..بين القلوب المتنافرة تكون هناك أُلفة.. ان القلوب اذا تنافر ودّها تكون كالزجاج المنكسر لايرجى بعد ذلك علاجه.. القران يقول (الّف بين قلوبكم) ان القلوب احدها يألف الاخر لان الله تعالى واحد وهو الذي امرنا ان نعتصم بحبله..قال تعالى: (فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً) هذه النعمة الان اصبحتم اخوانا..اخواني لفظ (الاخ) من الالفاظ المهمة فيها نحو من العلقة الكبيرة والمهمة بين المتنافرين في الوقت الذي متنافر معك اصبح اخاً لك..ولذلك اذكر قصة ان احد العلماء قبل 400 سنة جاءه احد المؤمنين طالباً منه ان يشفع له بحاجة عند بعض السلاطين فاستجاب وكتب (الى اخي فلان) أي الى السلطان.. عندما وصل الكتاب الى السلطان اهتم بها السلطان كثيراً وقال سأدفن هذه الورقة معي..حتى عندما يأتيني الملكان اقول ان الشيخ الفلاني او العالم الفلاني عبّر عني بأني اخاه.. انما المؤمنون اخوة ، (فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً) وهذا التعبير جميل الاخ واخيه يفتش عن مصلحته يحاول ان يداريه ويمنحه النصيحة (حب لاخيك ما تحب لنفسك) هذا التعبير البليغ..(وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) اوشكتم ان تسقطوا لكن الله تعالى تدارككم، ذكر (حفرة) اشارة الى السقوط الانسان اذا سقط في الحفرة من يخرجه بعد ذلك، يقول (وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا).. لاحظوا فضل الله تعالى، الانسان ينسى عليه ان يتذكر.. كل انسان في حياته مجموعة مشاكل .. ثم ينظر نعمة الله سبحانه وتعالى عليه حتى يزداد شكراً لله تبارك وتعالى..وهذه من اخلاق العقلاء ان الانسان دائماً يراقب نفسه ويتذكر اين كان واين اصبح.. القران الكريم في هذه الاية يستعرض حال هؤلاء الذين كانوا يتنافرون وكانوا اعداء الله تعالى، فجمعهم على منهج واحد وصراط واحد.. وهذا التدرج بهذه الفضائل والنِعم ثم يبين كنتم على وشك السقوط والله تعالى هو الذي انقذكم منها..هذا استعراض اخواني ينفعنا في حياتنا جميعاً .. في جميع الامور الانسان يستعرض فضل الله سبحانه وتعالى عليه..الله يرجوا ان نهتدي والله تعالى بيّن ويحتج علينا ..نسأل الله سبحانه وتعالى ان يمن على هذا البلد المبارك بأن نتخلص من جميع الارهابيين وان يشد على ايادي اخوتنا الابطال الاعزاء الذين يقاتلون ويحرروا جميع مناطق عراقنا الحبيب.. نسأل الله تعالى لهم النصر المؤزر.. سائلين الله تبارك وتعالى دوام التوفيق والحمد لله رب العالمين..

 

حيدر عدنانالموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

gate.attachment