النص الكامل لـ "الخطبة الثانية" من صلاة يوم الجمعة بإمامة السيد أحمد الصافي 23/ربيع الاول/1438هـ الموافق 23 /12 /2016

الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة السيد الصافي في 23/ربيع الاول/1438هـ الموافق 23 /12 /2016م :

اخوتي اخواتي اعرض بخدمتكم بعض الامور المستفادة من بعض الآيات الشريفة، قبل ذلك احب ان انوّه التأمل في الكثير من الآيات الشريفة له علاقة ببعض الطريقة او المنهج الذي يتخذه البعض سواء كان في جانب سلبي او كان في جانب آخر ايجابي.

طبعاً الانسان كثيراً ما يدعي ويقول وينسب لنفسه اشياء لكن اذا مُحّص في البلاء او اذا اريد ان تُصدّق هذه الافعال مع الواقع يكون له وضع آخر والتاريخ ايضاً يذكر لنا ان هناك حالات كثيرة ولم يكن الذي استفاد من نتيجة معينة بعد ان بذل فيها الآخرون بذلا ً حقيقياً وجاءت النتائج بشكل جيد وايجابي جاء هو ليكسب هذه النتيجة بلا ان يكون له اي دور حقيقي و فاعل في هذه المحصلة بل العكس كان قد يكون موقف سلبي..

سأعرض بعض الايات الشريفة تتحدث عن قضية فتنة وهي قضية المقاتلة (قضية الحرب) وكيف تكون هناك جهة تحاول ان تثبّط وفي المقابل تكون هناك جهة على بصيرة من امرها ولا تتأثر بهذا التثبيط، طبعاً التثبيط على نحو كذب او افتراء او على نحو اشاعات مغرضة او على نحو بذل مال من اجل ان ينتصر الباطل وامثال ذلك, هذه الاشياء تبدأ ولها مصاديق واسعة..

وفي المقابل من يكون على بصيرة من امره ويحاول ان يتعامل بهذه الامور تعاملا ً موضوعياً تعامل انسان واعي مدرك وانسان ملتفت الى وظيفته بشكل جيد..

طبعاً انا لا استعرض جميع الايات وانما سأخذ نموذجاً بسيطاً من سورة آل عمران: تتحدث عن حالة الاقتتال والمشاكل وهناك من يطلب العافية وهناك من يشكك وهناك من يحاول ان يضع في عجلة الانتصار ما يمكن .. تعرض هذه الايات بشكل واضح الاسلوب الذي يمارسه البعض وهذه الحالة مستمرة أمس واليوم وغداً وقبل..

قال تعالى : (الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) – سورة آل عمران- .

على مر التاريخ هناك ناس جبناء وهذا الجبان لا يقول انا جبان بل قد يقول انا شجاع ولكنه يتمتع بهذه الرذيلة وهو الجُبن  والجُبن رذيلة ولاحظوا اخواني ان الخوف يختلف عن الجُبن الجُبن شيء و الخوف شيء آخر ليست رذيلة الخوف غريزة كالجوع والعطش .. الجُبن مقابل الشجاعة والشجاعة والجُبن هذه فضيلة وهذه رذيلة .. الكلام ليس في الخوف فالخوف يمر على اولياء الله ليس فيه منقصة عكس الجبن ..

القران يريد ان يعطي صورة لبعض هؤلاء الجبناء..

بدأ هؤلاء الناس في حالة الحرب يجبنونهم ويضعفون همتهم ويحاولوا ان يجعلوا حالة الخذلان عندهم ويمارسوا جميع الاساليب في سبيل ان لا يقاتلوا ..

(الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ)

جمعوا يعني العدو قد تهيأ لكم وتترس وتسلح وجاء بخبراء وجاء بمقاتلين اشدّاء وهذه كما حدثت في واقعة الطف (ساتيك بجيشاً اوله في الكوفة ونهايته في الشام) كذب ودعاية..

فماذا يريد هؤلاء من هذه الكلمة ، قال تعالى (فَاخْشَوْهُمْ) اي خافوا منهم وبالنتيجة انهزموا واخرجوا واهربوا هؤلاء يريدون هذا المعنى ولذلك هؤلاء من المنافقين قد يكونوا اشد ضرراً على المؤمنين من العدو لأن العدو امره معلوم و مكشوف لكن هؤلاء المنافقين يظهرون ويبطنون فهم يأتون بعنوان النصيحة تارة ويقولون للمقاتلين انهزموا وانسحبوا وحافظوا على حياتكم فهؤلاء قد جمعوا لكم..

والأمر ليس كذلك وانما هذا الجبان يتصور الناس كلها جبناء .. هذا الجبان واقعاً يحسب كل صيحة عليه ..

القرآن الكريم بدأ يعكس صورة الابطال المؤمن الذي عنده بصيرة ماذا يفعل..

لاحظ هؤلاء يشنون حرباً دعائية على هؤلاء لاحظوا القران الكريم ماذا يقول (فَزَادَهُمْ إِيمَاناً) هم يعلمون ان هذا الطريق طريق حق عندهم  وتقووا وثبتوا انفسهم اكثر وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل نحن توكلنا على الله نحن لم نأتي وحدنا – ان ظهر المؤمن غير مكشوف- لأننا معنا من نتوكل عليه الله تعالى نِعم الوكيل نحن توكلنا عليه فهو حسبنا وهو وكيلنا..

نحن قاتلنا من اجل الدين والمقدسات والعرض والوطن .. انتم تتصورون اننا وحدنا لكننا الله تعالى معنا..

طبعاً نحن لا نريد ان نذكر صور لما قبل الف سنة او اكثر وانما ممكن ان نذكر صور الان وهذه المشاهدات الحسّية التي نعيشها اليوم مع ابطال مع شباب مع شيوخ مع عوائل تدفع بابنائها كلّما استشعروا خطراً اكثر كلما زادت عزيمتهم اكثر وهذا القران بين ايدينا وهؤلاء الاخوة يصدقّون هذه الآيات عملياً.. وبشكل حسّي..

نحن الان نسمع الاعداء عندهم امكانيات هائلة اعلامياً وتسليحياً .. لكن في المقابل انا لا اهتم لهذا انا ارى هذه الطاقات الشبابية القوية ..

لذلك اخواني من باب حق هؤلاء الاخوة علينا ..ارى ان اتحدث في هاتين النقطتين:

لابد ان يستشعروا هؤلاء اننا ايضاً معهم بكل ما تعني هذه الكلمة معنوياً ومادياً اعلامياً وايضاً تحسس بهذه المعاناة .. اعملوا أي شيء جيد وارسلوا ثوابه لهم.. وليشعر هؤلاء الاخوة بأن الله معهم اذا كان الله معهم لابد ايضاً نحن ان نسعى ان نكون معهم والدعم في كل شيء لابد ان يوجه لهم وايضاً هناك دعم في حالات اخرى كمسألة الطبابة والتخفيف عن الجرحى وتأمين المستلزمات الواجب علينا ان نؤمنها حفاظاً عليهم فهؤلاء ابطال..

والله عندما تمر حالات بعض الاخوة والانسان لا يملك حقيقة ازاء هكذا مواقف يتأمل يدعو الله لهم، فحقيقة اشبه بالاسطورة لو لم نكن الان في هذا الزمن ونرى شجاعة وبسالة هؤلاء الابطال ونُقلت الينا لقلنا ان هذه نوع من المبالغة ..

لكننا نعيشها ونتحسس تراه في عمر الزهور 16 عاماً تجد هذه البسالة والقوة تاتيه هذه السيارة المفخخة او الدبابة المفخخة ويذهب سريعاً لها الى قمة الدبابة ويفتح الغطاء ويقتل من فيها وينهزم..

لكن هذا الاندفاع لو نقل الينا عن زمن مثلا ً قبل 100 سنة لنقول هذه مبالغة ..لكن هذا الاندفاع أليس من حقهم علينا.. لاحظوا هؤلاء الذين يقاتلون قرأوا التاريخ بشكل جيد واستوعبوا الفتوى بشكل جيد وهم قد حددوا مصيرهم ونِعم المصير..

المشكلة الذي لم يفهم الى الان ولا اعتقد انه سيفهم..

ثم قال تعالى : (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) – سورة آل عمران- .

اتبعوا رضوان الله بمعنى ان الله يرضى والله ذو فضل عظيم وهو الذي سيجزي وهل سندرك جزاء الله تعالى.

ثم تقول الآية الشريفة : (إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175).

فهؤلاء الابطال الاعزاء المقاتلون هؤلاء النجباء هؤلاء الذين تمتعوا بهذا الحس الوطني الحقيقي هؤلاء هم شرفنا وعزتنا وبقائنا هؤلاء هم التيجان التي نفتخر بها هؤلاء هم اكليل يطوّق ارض العراق..

نسأل الله سبحانه وتعالى لهم ولكم النصر والعزة وان يحفظ الله تعالى الجميع في اوطانهم وعوائلهم وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

 

gate.attachment